ادع الله أن يرزقني مالاً؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ويحك يا ثعلبة! قليل تؤدي شكره، خير من كثير لا تطيقه" قال: ثم قال مرة أخرى، فقال:"أما ترضى أن تكون مثل نبي الله؟ فوالذي نفسي بيده! لو شئت أن تسير معي الجبال ذهباً وفضة لسارت" قال: والذي بعثك بالحق! لئن دعوت الله فرزقني مالاً؛ لأعطين كل ذي حق حقه! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم! ارزق ثعلبة مالاً"، قال: فاتخذ غنماً، فنمت كما ينمو الدود، فضاقت عليه المدينة، فتنحى عنها، فنزل وادياً من أوديتها، حتى جعل يصلي الظهر والعصر في جماعة، ويترك ما سواهما. ثم نمت وكثرت، فتنحى حتى ترك الصلوات إلا الجمعة، وهي تنمو كما ينمو الدود، حتى الجمعة، فطفق يتلقى الركبان يوم الجمعة يسألهم عن الأخبار، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما فعل ثعلبة؟ " فقالوا: يا رسول الله، اتخذ غنماً فضاقت عليه المدينة! فأخبروه بأمره، فقال:"يا ويح ثعلبة! يا ويح ثعلبة! يا ويح ثعلبة! " قال: وأنزل الله: (خذ من أموالهم صدقة) الآية (سورة التوبة: ١٠٣) ، ونزلت عليه فرائض الصدقة، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلين على الصدقة، رجلاً من جهينة،
ورجلاً من سليم، وكتب لهما كيف يأخذان الصدقة من المسلمين، وقال لهما:"مرا بثعلبة، وبفلان - رجل من بني سليم - فخذا صدقاتهما! " فخرجا حتى أتيا ثعلبة، فسألاه الصدقة، وأقرأاه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ما هذه إلا جزية! ما هذه إلا أخت الجزية! ما أدري ما هذا! انطلقا حتى تفرغا ثم عودا إلى. فانطلقا، وسمع بهما السلمي، فنظر إلى خيار أسنان إبله، فعزلها للصدقة، ثم استقبلهم بها. فلما رأوها قالوا: ما يجب عليك هذا، وما نريد أن نأخذ هذا منك. قال: بلى، فخذوه، فإن نفسي بذلك طيبة، وإنما هي لي! فأخذوها منه. فلما فرغا من صدقاتهما، رجعا حتى مرا بثعلبة، فقال: أروني