كتابكما! فنظر فيه، فقال: ما هذا إلا أخت الجزية! انطلقا حتى أرى رأيي. فانطلقا حتى أتيا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما رآهما قال:"يا ويح ثعلبة! " قبل أن يكلمهما، ودعا للسلمي بالبركة، فأخبراه بالذي صنع ثعلبة، والذي صنع السلمي، فأنزل الله تبارك وتعالى فيه:
(ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين) إلى قوله: (وبما كانوا يكذبون) ، وعند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل من أقارب ثعلبة، فسمع ذلك، فخرج حتى أتاه، فقال: ويحك يا ثعلبة! قد أنزل الله فيك كذا وكذا! فخرج ثعلبة حتى أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسأله أن يقبل منه صدقته، فقال:"إن الله منعني أن أقبل منك صدقتك"، فجعل يحثي على رأسه التراب، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا عملك، قد أمرتك فلم تطعني! " فلما أبى أن يقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رجع إلى منزله، وقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقبل منه شيئاً. ثم أتى أبا بكر حين استخلف، فقال: قد علمت منزلتي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وموضعي من الأنصار، فاقبل صدقتي! فقال أبو بكر: لم يقبلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أقبلها! فقبض أبو بكر، ولم يقبضها. فلما ولي عمر، أتاه فقال: يا أمير المؤمنين، اقبل صدقتي! فقال: لم يقبلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أبو بكر، وأنا أقبلها منك! فقبض ولم يقبلها، ثم ولي عثمان - رحمة الله عليه -، فأتاه فسأله أن يقبل صدقته فقال: لم يقبلها رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - ولا أبو بكر ولا عمر - رضوان الله عليهما - وأنا أقبلها منك! فلم يقبلها منه. وهلك ثعلبة في خلافة عثمان - رحمة الله عليه -.
قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، كما قال الحافظ ابن حجر في "تخريج الكشاف"(٤/ ٧٧/ ١٣٣) ، وعلته علي بن يزيد الألهاني؛ قال الهيثمي في
"رواه الطبراني، وفيه علي بن يزيد الألهاني، وهو متروك".