ثم رأيت الحافظ ابن كثير قال بعد أن ساق الحديث عن عمران بن حصين وابن عباس وابن مسعود والحسن مرفوعا: والأصح في هذا كله الموقوفات عن ابن مسعود وابن عباس والحسن وقتادة والأعمش وغيرهم.
قلت: وسيأتي حديث عمران في المائة العاشرة إن شاء الله تعالى وهو بهذا اللفظ إلا أنه قال: " فلا صلاة له " بدل " لم يزدد عن الله إلا بعدا " وهو منكر أيضا كما سيأتي بيانه هناك بإذن الله تعالى فانظره برقم (٩٨٥) .
وأما متن الحديث فإنه لا يصح، لأن ظاهره يشمل من صلى صلاة بشروطها وأركانها بحيث أن الشرع يحكم عليها بالصحة وإن كان هذا المصلي لا يزال يرتكب بعض المعاصي، فكيف يكون بسببها لا يزداد بهذه الصلاة إلا بعدا؟ ! هذا مما لا يعقل ولا تشهد له الشريعة، ولهذا تأوله شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله:
وقوله " لم يزدد إلا بعدا " إذا كان ما ترك من الواجب منها أعظم مما فعله، أبعده ترك الواجب الأكثر من الله أكثر مما قربه فعل الواجب الأقل.
وهذا بعيد عندي، لأن ترك الواجب الأعظم منها معناه ترك بعض ما لا تصح الصلاة إلا به كالشروط والأركان، وحينئذ فليس له صلاة شرعا، ولا يبدو أن هذه الصلاة هي المرادة في الحديث المرفوع والموقوف، بل المراد الصلاة الصحيحة التي لم تثمر ثمرتها التي ذكرها الله تعالى في قوله:{إن الصلاة تنهى عن
الفحشاء والمنكر} (العنكبوت: ٤٥) وأكدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قيل له: إن فلانا يصلي الليل كله فإذا أصبح سرق! فقال: " سينهاه ما تقول أو قال: ستمنعه صلاته ".