وعهدي به أنه لا يقول هذا القول إلا إذا كان توثيق أحد رجاله غير موثوق به، وفي الغالب يكون مما تفرد بتوثيقه ابن حبان كما هو الشأن هنا. وهذه الحقيقة مما فات المناوي؛ فإنه في كثير من الأحيان يستلزم من مثل قول الهيثمي المذكور التحسين بل التصحيح؛ غافلاً عما ذكرنا، وعما هو أهم من ذلك، وهو أنه لا يلزم من ثقة رجال الإسناد - ولو جزم بذلك - سلامته من علة قادحة كالانقطاع والتدليس وغيره؛ كما شرحناه في غير هذا الموضع، فتأمل قوله في حديث أبي موسى هذا:
"قال الهيثمي: رجاله وثقوا. اهـ. ومن ثم رمز المصنف لحسنه، لكن صحح بعضهم وقفه"!
فإنه استلزم منه التحسين، ولذلك سلم برمز السيوطي لحسنه ولم يرده بما ذكرنا، وإنما بأن الصحيح وقفه! وهذا في الحقيقة علة أخرى في الحديث يزداد به وهنا. ثم قال المناوي في حديث ابن عباس:
"رمز المصنف لحسنه، وهو كما قال بل أعلى؛ فقد قال الهيثمي: رجاله موثقون"!!
كذا قال! وفيه نظر كبير؛ فإنه من رواية محمد بن الليث أبي الصباح الهدادي: حدثنا أبو همام الدلال: أخبرنا داود بن عبد الرحمن العطار، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً به.