"قلت: وهذا على سبيل الاختيار في الحائض؛ إذا كان في الزمان نفس، وفي الوقت مهلة، فأما إذا أعجلها السير؛ كان لها أن تنفر من غير وداع؛ بدليل خبر صفية. وممن قال: إنه لا وداع على الحائض: مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وهو قول أصحاب الرأي وكذلك قال سفيان".
قلت: ومن تلك الأحاديث التي أشرنا إليها: حديث ابن عباس قال:
أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت؛ إلا أنه خفف عن المرأة الحائض.
أخرجه مسلم (٤/ ٩٣) . وفي رواية له عنه مرفوعاً:
"لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت".
ورواه الطحاوي (١/ ٤٢٣) بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمر أيضاً، وزاد:
إلا الحيض؛ رخص لهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وصححه الترمذي (٩٤٤) وغيره.
ورواه ابن حبان في "الصحيحة"(٣٨٨٨) بلفظ:
"من حج البيت؛ فليكن آخر عهده بالبيت؛ إلا الحيض، رخص لهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ثم رأيت حديث الترجمة؛ قد أخرجه ابن أبي خيثمة في "التاريخ" (ص ٤٠-٤١) من طريق الحجاج به، دون قوله:
"أو اعتمر"؛ فهو الصواب.
قوله:(أربت عن يديك) ؛ أي: سقطت آرابك من اليدين خاصة؛ كما في "النهاية".