"لا تقضوا فيه برأي واحد"؛ أنه منكر لمخالفته للإجماع العملي الذي سار عليه العلماء والقضاة من الإفتاء والقضاء برأي العالم الواحد في القرون الأولى المشهود لها بالخيرية! والآثار في ذلك كثيرة شهيرة،ذكر الكثير الطيب منها الإمام ابن قيم الجوزية في شرحه لكتاب عمر إلى القاضي شريح في كتابه العظيم "إعلام الموقعين عن رب العالمين".
بل أن الحديث هذا يبطل الاجتهاد الجماعي من حيث لا يدري الدكتور ولا يشعر، مع أنه اشترط في غير ما موضع أن يكون أعضاء (الاجتهاد الجماعي) الذين لهم حق الترجيح مجتهدين،ولو اجتهاداً جزئياً على الأقل! انظر (ص ١٠٦،١٠٧،١٢٧) .
على أنني أرى أن هذا الشرط - مع كونه شرطاً أساسياً للاجتهاد- يستلزم معرفة السنة، وتمييز صحيحها من ضعيفها كما قدمنا، والتفقه فيها؛ ولكن أكثر هؤلاء الدكاترة والكتاب - مع الأسف - لا عناية عندهم بشيء من هذا.
وأضرب على ذلك مثلاً في مسألة اتفق الأئمة الأربعة وغيرهم على تحريمها، ألا وهي الغناء وآلات الطرب، يحضرني الآن منهم ثلاثة من المشهورين في العصر الحاضر بأنهم من العلماء:
أولهم: الشيخ محمد أبو زهرة؛ حيث قال:
"إذا لم يكن في الغناء ما يثير الغريزة الجنسية؛ فإننا لا نجد موجباً لتحريمه"!
وثانيهم: الشيخ محمد الغزالي - وقد توفي قبل شهور غفر الله له -؛ فإنه جرى على منوال أبي زهرة هذا، بل وتوسع في ذلك كثيراً، واستدل بأحاديث ضعيفة، وضعف الأحاديث الصحيحة في التحريم وغيره مما اتفق العلماء على صحتها،