"ويلزم المجتهد أن يكون على علم بمصطلح الحديث ورجاله، ولا يجب أن يكون في درجة أهل الفن - فن الحديث - أنفسهم، وإنما يكفيه أن يعتمد على ما انتهى إليه أهل هذا الفن"!
فأنت ترى أنه أعرض عن ذكر حضورهم مع ذكرهم من الاقتصاديين وغيرهم، فجعلهم دونهم في شرطية الحضور، مع أنهم هم العمدة قبل كل ما أشرنا إليهم؛ وغيرهم ممن ذكرهم معهم؛ فإن في حضورهم ما يكشف عن علل بعض الأحاديث التي لا يعرفها - أو على الأقل: لا ينتبه لها - إلا المختصون في الحديث.
ولا أذهب بالقراء بعيداً؛ فهذا هم المثال بين أيديهم؛ لقد استدل الدكتور الشرفي بحديث الترجمة؛ وحديث:"السواد الأعظم"، وهما واهيان كما تقدم.
قد يقال: إنه اعتمد على الهيثمي في تخريجه.
لكن خفي على الدكتور أن ذلك لا يعني أن كلاً من الحديثين صحيح، على أخطاء وقعت له وللدكتور سبق بيانها.
ومثله كثير ممن يتوهم من مثل هذا التخريج تصحيح الحديث؛ وليس كذلك، كما بينته في غير ما موضع من كتبي، فانظر مثلاً مقدمة "صحيح الترغيب والترهيب" من المجلد الأول؛ وقد سبق أن طبع مرتين، وهو تحت الطبع مجدداً، مع إضافات كثيرة وفوائد غزيرة مع بقية المجلدات، وسيكون ذلك بين القراء قريباً، إن شاء الله (١) .
على أن الدكتور غفل عن دلالة قوله في الحديث:
(١) وقد صدر - ولله الحمد - في خمسة مجلدات: ثلاثة في " الصحيح "، واثنان في " الضعيف ". (الناشر)