ومما يؤكد ذلك: أن عبد الرزاق قد توبع على إسناده مرسلاً، فقال ابن جرير في "تاريخه"(٢/ ٣٠٥ - دار المعارف) : حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا ابن ثور عن معمر عن الزهري قال:
فتر الوحي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فترة، فحزن حزناً شديداً، جعل يغدو إلى رؤوس شواهق الجبال ليتردى منها ... الحديث.
وابن ثور: اسمه محمد أبو عبد الله العابد، وهو ثقة.
فثبت بذلك يقيناً وهم محمد بن كثير الصنعاني في وصله إياها.
فإن قيل: فقد تابعه النعمان بن راشد فقال: عن الزهري عن عروة عن عائشة به نحوه. أخرجه الطبري (٢/ ٢٩٨-٢٩٩) ؟!
فأقول: إن حال النعمان هذا مثل حال الصنعاني في الضعف وسوء الحفظ؛ فقال البخاري:
"في حديثه وهم كثير". وفي "التقريب":
"صدوق سيىء الحفظ".
قلت: وفي حديثه هذا نفسه ما يدل على سوء حفظه؛ ففيه ما نصه:
"ثم دخلت على خديجة فقلت: زملوني زملوني. حتى ذهب عني الروع، ثم أتاني فقال: يا محمد! أنت رسول الله - قال: - فلقد هممت أن أطرح نفسي من حالق من جبل، فتبدى لي حين هممت بذلك، فقال: يا محمد! أنا جبريل وأنت رسول الله. ثم قال: اقرأ. قلت: ما أقرأ؟ قال: فأخذني فغتني ثلاث مرات؛ حتى بلغ مني الجهد، ثم قال:(اقرأ باسم ربك الذي خلق) فقرأت ... " الحديث!!