قلت: وهذا كله بفضل هذا الحديث المنكر المخالف بزعمهم لتلك الأحاديث الصحيحة! ومع ذلك سكت عنه الحافظ عفا الله عنا وعنه!
ثم جاء من بعده الكوثري المشهور بتعصبه لحنفيته، فسعى وراء الطحاوي في الاستدلال بهذا الحديث المنكر على ما ذهب إليه من التأويل وزاد - ضغثاً على إبالة -، فقال في "النكت الطريفة"(ص ١٠٩) :
"وقد أخرج البزار في "مسنده" حديث نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن هدم آطام المدينة، وقوله: "إنها زينة المدينة". فيكون المنع من قطع شجرها وأخذ صيدها؛ لمجرد استبقاء زينة المدينة ليستطيبوها ويألفوها"!
وقد علمت - من تحقيقنا المتقدم - أنه ليس عند البزار ما عزاه إليه من قوله:
"إنها زينة المدينة"! وهو لم يعز ذلك إليه عبثاً، بل رمى من وراء ذلك إلى غاية خبيثة؛ وهو إضلال القراء عن علة هذه الزيادة التي تفرد بروايتها الطحاوي دون البزار؛ لأنها علة ظاهرة في رواية الطحاوي؛ وكتابه سهل الرجوع إليه مباشرة؛ بخلاف "مسند البزار"، فأحال عليه؛ لأنه يعلم أنه عسر الرجوع إليه إلا بواسطة "مجمع الهيثمي"، فإذا رجع الباحث إليه، ووجده يقول كما تقدم:
"رواه البزار عن الحسن بن يحيى، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال (الصحيح) ".
توهم أنه سالم من العمري؛ لأنه ليس من رجال (الصحيح) بل هو ضعيف كما سبق، فيظن أنه ليس بضعيف، وهذا هو ما رمى إليه الكوثري بذلك العزو الخاطىء. والله حسيبه!!