الأول: هو ضمام بن ثعلبة المصرح به في بعض طرق الحديث الثاني، وحديث ابن عباس أيضاً الثالث. قال الحافظ في "الفتح"(١/ ٨٨) :
"والحامل لهم على ذلك: إيراد مسلم لقصته عقب حديث طلحة، ولأن في كل منهما أنه بدوي، وأن كلاً منهما قال في آخر حديثه: لا أزيد على هذا ولا أنقص".
قلت: وكذلك في حديث ابن عباس وحديث أبي هريرة كما تقدم؛ فهي أحاديث أربعة، تتحدث عن قصة واحدة، فإذا تفرد أحد الرواة عنهم بشيء دون الآخرين؛ قام في النفس مانع من قبولها، لا سيما إذا اختلف عليه في ذلك؛ كهذه الزيادة:"وأبيه"؛ لأنه يلزم من قبولها توهيم الرواة الآخرين، ونسبتهم إلى قلة الضبط والحفظ. وإذا كان لا بد من ذلك؛ فنسبة الفرد الواحد إلى ذلك أولى، كما لا يخفى على أولي النهى.
وأما ما ذكره الحافظ عن القرطبي؛ أنه تعقب جزم ابن بطال المتقدم؛ بأن سياق حديث طلحة وأنس، مختلف، وأسئلتهما متباينة! فالجواب:
أنه لا اختلاف ولا تباين في الحقيقة؛ وإنما هو الاختصار من بعض الرواة حسب المناسبات؛ ألا ترى إلى حديث أنس من الطريق الأولى كم هو مختصر عنه في الطريق الأخرى؟! فهل يقول قائل: إنهما يتحدثان عن قصتين مختلفتين؛ لتباين الأسئلة فيهما؟! وكذلك يقال عن حديث ابن عباس في طريقيه!
فإذا كان هذا الاختلاف في حديث الرواي الواحد لا يدل على تعدد القصة؛ فأولى أن لا يدل عليه الاختلاف في حديث راويين مختلفين. وهذه هي طريقة العلماء المحققين.