قال الحافظ في "الفتح" بعد أن ذكر الخلاف في تفسير التغني لغة (٩/ ٦٣) :
"ظواهر الأخبار ترجح أن المراد: تحسين الصوت، ويؤيده قوله: "يجهر به"؛ فإنها إن كات مرفوعة قامت الحجة به، وإن كانت غير مرفوعة؛ فالراوي أعرف بمعنى الخبر من غيره؛ لا سيما إذا كان فقيهاً. ولا شك أن النفوس تميل إلى سماع القراءة بالترنم أكثر من ميلها لمن لا يترنم؛ لأن للتطريب تأثيراً في رقة القلب، وإجراء الدمع، وكان بين السلف اختلاف في جواز القرآن بالألحان، أما تحسين لصوت، وتقديم حسن الصوت على غيره؛ فلا نزاع في ذلك ... ومحل هذا الاختلاف إذا لم يختل شيء من الحروف عن مخرجه، فلو تغير؛ قال النووي في "التبيان": أجمعوا على تحريمه. ولفظه: أجمع العلماء على استحباب تحسين الصوت بالقرآن؛ ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط، فإن خرج حتى زاد حرفاً أو أخفاه؛ حرم".
ثم ذكر (٩/ ٨٠) أن ابن أبي داود أخرج من طريق ابن أبي مشجعة قال: كان عمر يقدم الشاب الحسن الصوت؛ لحسن صوته بين يدي القوم.
ومن طريق أبي عثمان النهدي قال: دخلت دار أبي موسى الأشعري، فما سمعت صوت صنج ولا بربط ولا ناي أحسن من صوته. وقال الحافظ:
"سنده صحيح؛ وهو في "الحلية" لأبي نعيم [١/ ٢٥٨] .
و (الصنج) - بفتح المهملة وسكون النون بعدها جيم -: هو آلة تتخذ من نحاس، كالطبقين، يضرب أحدهما بالآخر.
و (البربط) - بالموحدتين بينهما راء ساكنة ثم طاء مهملة، بوزن جعفر -: هو آلة تشبه العود، فارسي معرب.