"بصري واه. قال البخاري: منكر الحديث. ووهاه ابن حبان وقال: له عن أنس نسخة أكثرها موضوعة. وقال أبو حاتم: ضعيف جداً"، ثم ساق له أحاديث قال في أحدها:
"يشبه وضع القصاص". وقال في آخر:
"وهذا إفك بين".
وإذا عرفت هذا الحديث وشدة ضعفها؛ فمن الغريب اعتماد شيخ الإسلام ابن تيمية على الطريق الأولى في ميله في فتوى له إلى القول بحياة الخضر في حياته - صلى الله عليه وسلم -! فقد سئل عنها في استفتاء له، فأجاب بقوله:
"وأما حياته؛ فهو حي، والحديث المذكور: "لو كان حياً لزارني"؛ لا أصل له، ولا يعرف له إسناد، بل المروي في "مسند الشافعي" وغيره: أنه اجتمع بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن قال: إنه لم يجتمع بالنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقد قال ما لا علم له به؛ فإنه من العلم الذي لا يحاط به ... "!!
قلت: وهذه الفتوى كأنها كانت منه قبل أن يتمكن من العلم الصحيح؛ فإن أكثر فتاوته على خلافها، وأن الخضر مات، وأنه لو أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - لوجب عليه أن يأتيه وينصره، كما بينت ذلك من كلامه في مقدمتي لكتاب "رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار" للإمام الصنعاني، وهو تحت الطبع (١) .
وقوله:"إنه اجتمع بالنبي - صلى الله عليه وسلم -"! كأنه يعني: بعد وفاته معزياً به. وهذا هو الذي رواه الشافعي وغيره كما رأيت. وسكوته عن إسناده - بل واحتجاجه به على
(١) ثم طبع بحمد الله في حياة الشيخ - رحمه الله - في المكتب الإسلامي.