ذلك إلا تعصبا على أبي حنيفة، ولم يدر البعض المشار إليه أن مع الدارقطني أئمة الحديث الكبار مثل الشيخين وأحمد وغيرهم ممن سبق ذكرهم أفكل هؤلاء متعصبون ضد أبي حنيفة؟ ! تالله إن شخصا يقبل مثل هذه التهمة توجه إلى مثل هؤلاء، لأيسر عليه وأقرب إلى الحق أن يعكس ذلك فيقول: صدوق هؤلاء فيما قالوه في الإمام أبي حنيفة، ولا ضير عليه في ذلك، فغايته أن لا يكون محدثا ضابطا، وحسبه ما أعطاه الله من العلم والفهم الدقيق حتى قال الإمام الشافعي: الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة، ولذلك ختم الحافظ الذهبي ترجمة الإمام في " سير النبلاء "(٥ / ٢٨٨ / ١) بقوله وبه نختم:
قلت: الإمامة في الفقه ودقائقه مسلمة إلى هذا الإمام، وهذا أمر لا شك فيه
وليس يصح في الأذهان شيء *** إذا احتاج النهار إلى دليل "
ثم إن الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (٣ / ١٢٧) من الطريق الأولى، وقال: قال الدارقطني: باطل لا أصل له، وأبو كرز عبد الله بن كرز متروك، وأقره السيوطي في " اللآليء " (٢ / ١٨٩) وزاد عليه، فذكر ما سبق نقله عن الذهبي وأنه أخرجه الطبراني في " الأوسط " يعني من الطريق المذكور.
وهذا شيء غير معهو د من السيوطي فإن عادته أن يتعقب ابن الجوزي في مثل هذا الحديث، الذي له ما سبق ذكره من الشواهد! ولعله إنما أمسك عن ذكرها لأنها مع ضعفها تعارض الحديث الثابت، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:
" إن عقل أهل الكتابين نصف عقل المسلمين "، وهم اليهود والنصارى.
أخرجه أحمد (رقم ٦٦٩٢، ٥٧١٦) وابن أبي شيبة في " المصنف " (١١ /