قلت: فهذه طرق شديدة الضعف لا يتقوى بها الحديث، ويزيده ضعفا أنه معارض للحديث الصحيح وهو قوله صلى الله عليه وسلم: لا يقتل مسلم بكافر.
أخرجه البخاري (١٢ / ٢٢٠) وغيره عن علي رضي الله عنه وهو مخرج في الإرواء (٢٢٠٩) ، وبه أخذ جمهو ر الأئمة، وأما الحنفية فأخذوا بالأول على ضعفه ومعارضته للحديث الصحيح! وقد أنصف بعضهم فرجع إلى الحديث الصحيح فروى البيهقي والخطيب في " الفقيه "(٢ / ٥٧) عن عبد الواحد بن زياد قال: لقيت زفر فقلت له صرتم حديثا في الناس وضحكة! قال: وما ذلك؟ قال: قلت:
تقولون في الأشياء كلها: ادرءوا الحدود بالشبهات، وجئتم إلى أعظم الحدود فقلتم: تقام بالشبهات! قال: وما ذلك؟ قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يقتل مؤمن بكافر "، فقلتم: يقتل به! قال: فإنى أشهدك الساعة أني قد رجعت عنه، ورواه أبو عبيد بنحوه، وسنده صحيح كما قال الحافظ.
ثم وقفت بعد ذلك على فصل للأستاذ المودودي في " الحقوق العامة لأهل الذمة " في كتابه " نظرية الإسلام وهديه "، لفت انتباهي فيه مسألتان:
الأولى: قوله: إن دية الذمى دية المسلم، وقد سبق بيان ما فيه عند الكلام على الحديث (٤٥٨) : والأخرى قوله (ص ٣٤١) :
دم الذمي كدم المسلم، فإن قتل مسلم أحدا من أهل الذمة اقتص منه له كما لو قتل مسلما، ثم ذكر هذا الحديث من رواية الدارقطني محتجا به، وقد عرفت من تخريجنا