واللفظان قبله أخرجهما من ذكرنا من طريق حسن بن صالح عن سماك به.
والحسن بن صالح وإسرائيل؛ كلاهما ثقة. فالظاهر أن هذا الاختلاف في لفظه؛ إنما هو من سماك بن حرب؛ فإنه متكلم فيه إذا روى عن عكرمة؛ قال الحافظ في "التقريب":
"صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بأخرة؛ فكان ربما يلقن".
أقول هذا تحقيقاً للرواية، وإلا؛ فلا فرق عندي بين هذه الألفاظ الثلاثة من حيث الدراية؛ فإن لفظ:(يجز) هو بمعنى: (يقص) ، وبمعناه اللفظ الآخر:(يأخذ من شاربه) ؛ فإن (من) تبعيضية؛ فهو كقوله - صلى الله عليه وسلم -:
"من لم يأخذ من شاربه فليس منا". أخرجه الترمذي وغيره وصححوه.
وقد جاء بيان صفة الأخذ في السنة العملية؛ فإليها المرجع في تفسير النصوص القولية المختلف في فهمها؛ فإن من القواعد المقررة: أن الفعل يبين القول حتى لو كان من كلام الله تعالى.
وإليك ما وقفت عليه من السنة:
أولاً: عن المغيرة بن شعبة قال:
ضفت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة.. وكان شاربي وفى، فقصه لي على سواك.
رواه أبو داود وغيره. وإسناده صحيح، وهو مخرج في "صحيح أبي داود"(١٨٢)