أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (٥ / ٢١١ - ٢١٢) ؛ لكن سقط منه
ذكر عبد الله بن يزيد، ولعله من الناسخ أو الطابع.
قلت: فهذا اللفظ ليس صريحاً في مخالفة لفظ الثوري وزهير، فليحمل عليه،
بخلاف لفظ محمد بن جعفر؛ فإنه صريح في ذلك؛ فلا بد من الترجيح، ولا
شك أن رواية الجماعة أرجح من رواية الفرد، وبخاصة إذا كان فيه نوع كلام؛ فقد
قال الحافظ في ترجمته - أعني: ابن جعفر، وهو المعروف بـ (غُنْدَر) -:
" ثقة صحيح الكتاب؛ إلا أن فيه غفلة ".
وبالجملة؛ فالصحيح المحفوظ في هذا الأثر تقديم الخطبة على الصلاة وفق
الرواية المحفوظة في حديث عبد الله بن زيد المازني وحديث عائشة وابن عباس. فلا
جرم أن يكون الإمام محمد أسعد الناس بالسنة؛ لإيثاره إياها على ما خالفها.
الثاني: استمرار الشافعية والحنفية - خلافاً للإمام محمد - على ترجيح
وتفضيل تقديم الصلاة على الخطبة، وهم يعلمون أن ما في " الصحيحين " وغيرهما
عن عبد الله بن زيد وعائشة وابن عباس أصح وأكثر؛ كما تقدم بيانه، ولو أنهم
عكسوا لأصابوا؛ لأنه ليس لهم حجة إلا ذاك الحديث الشاذ وهذا الحديث المنكر،
حتى إن الامام الشيرازي لم. يحتج في " المهذب " إلا به، ومع أنه ذكره في موضع
آخر منه؛ فقد مر عليه النووي في شرحه عليه: " المجموع " (٥ / ٦٦، ٧٧) فلم
يخرجه مطلقاً، ولا استدل بغيره على مذهبه؛ بل إنه صرح (٥ / ٩٣) بأنه
الأفضل؛ قال:
" فلو خطب قبل الصلاة؛ صحت الخطبة، وكان تاركاً للأكمل "! وتبعه
العيني في " عمدة القاري " (٤ / ٣٤) .