الثالث - وهو أغرب وأعجب -: استمرار الحنفية في متونهم على إنكار شرعية
الجماعة في صلاة الاستسقاء، كما في " شرح الكنز " للعيني (١ / ٦٣) ، و " البحر
الرائق " لابن نجيم المصري (٢ / ٢٨١) ، و " الدر المختار " (١ / ٧٩٠) بشرحه " رد
المحتار " وغيرها! وقال ابن عابدين في " شرحه " (١ / ٧٩١) :
" وكلام المصنف لـ " الكنز " يفيد عدم المشروعية؛ كما في " البحر "، وتمامه في
" النهر "، وظاهر كلام " الفتح " ترجيحه "! يعني: " فتح القدير " لابن الهمام.
كل ذلك منهم خلاف للأحاديث والآثار؛ بل وخلاف قول الإمامين أبي
يوسف ومحمد، وتعصباً منهم للإمام أبي حنيفة؛ فإنه تفرد بذلك من بين الأئمة؛
بل إن ظاهر كلامه أنه ينكر شرعية الصلاة للاستسقاء مطلقاً، وسلفه في ذلك
إبراهيم النخعي؛ فإنه كان لا يصليها. فقد روى ابن أبي شيبة فيه المصنف " (٢ /
٤٧٤) بسنده الصحيح عن أسلم العجلي - وهو ثقة - قال:
خرج الناس مرة يستسقون، فخرج معهم إبراهيم، فلما فرغوا؛ قاموا يصلون،
فرجع إبراهيم ولم يُصَلِّ معهم.
وفي رواية له: أن الإمام كان المغيرة بن عبد الله الثقفي.
وكذا رواه الإمام محمد في " الحجة على أهل المدينة " (١ / ٣٣٣ - ٣٣٤) ؛
ولكنه قال: " المغيرة الثقفي ".
وإسنادهما منقطع. وقال محمد (١ / ٣٣٢) :
" قال أبو حنيفة: لا نرى في الاستسقاء صلاة. وكان يرى أن يخرج الإمام
فيدعو ".
ثم ذكر مذهب أهل المدينة في صلاة الاستسقاء - وقد سبق نقله عنه -، ثم قال: