" وكان إبراهيم النخعي يقول بقول أبي حنيفة: " يرى في ذلك صلاة ".
قلت: ورأيهما هذا لا يمكن توجيهه إلا على أنه لم تبلغهم تلك الأحاديث
الصحيحة والآثار عن السلف، وإلا؛ لقالوا بها، وكانوا مع الجماعة؛ إذ من المقطوع
به أنه لا عداء بين أحد وبين السنة، وبخاصة من كان منهم من الأئمة، كيف
وهم القائلون:
" إذا صح الحديث فهو مذهبي "؟ !
وإن في موقفهما هذا من هذه الصلاة المسنونة تنبيهاً على أمرين هامين:
الأول: أن الأصل في العبادات المنع إلا لنص، فلما لم يبلغهما؛ وقفا مع
الأصل، ولولا ذلك لقالا فيها كما يقول كثير من الناس اليوم لأهل السنة حين
ينكرون عليهم البدعة في العبادة: (يا أخي! شو فيها، كفاكم تشدداً؟ !) .
والآخر: قول الإمام الشافعي:
" ما من أحد إلا وتذهب عليه سُنَّةٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعزبُ عنه، فمهما قلتُ
من قول، أو أصَّلتُ من أصل فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلت؛ فالقول ما
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو قولي ". ونحوه قول الأئمة المتقدم:
" إذا صح الحديث؛ فهو مذهبي ". وقول أبي حنيفة:
" إذا قلت قولاً يخالف كتاب الله تعالى وخبر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فاتركوا قولي ".
انظر تخريج هذه الأقوال في " صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم "، المقدمة.
ولكن؛ هل ائتمر أصحاب أبي حنيفة بأمره هذا لهم فتركوا قوله بعدم شرعية
صلاة الاستسقاء؟