لقد انقسموا فريقين:
أما المتقدمون منهم؛ فقد تركوه وقالوا بها؛ كالإمام محمد وأبي يوسف
والطحاوي كما تقدم، وكالحافظ الزيلعي من المتأخرين كما يأتي.
وأما المتأخرون منهم؛ فكانوا متعصبين للإمام على اختلاف بينهم:
أ - فمنهم من انتصر للإمام وقده فيما ذهب إليه من نفي الشرعية، وتجاهل
تلك الأحاديث والآثار الصحيحة؛ بل ونفى ما لم ينفه الإمام؛ كالمرغيناني في
" الهداية "؛ فقال (٢ / ٥٨ - بشرح فتح القدير) :
" ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استسقى، ولم ترو عنه الصلاة "!
فردَّ عليه الحافظ الزيلعي بقوله في " نصب الراية لتخريج أحاديث الهداية "
(٢ / ٢٣٨) فقال:
" أما استسقاؤه عليه السلام؛ فصحيح ثابت، وأما أنه لم يرو عنه الصلاة؛
فهذا غيرصحيح؛ بل صح أنه صلى فيه؛ كما سيأتي ".
ثم ساق الأحاديث المتقدمة.
ب - ومنهم من لم يستطع أن ينكر روايتها؛ لشهرتها في " الصحيحين "
و" السنن " و " المسانيد " وغيرها؛ ولكنه كابر فقال بشذوذها؛ كابن الهمام في
" الفتح " (٢ / ٥٩) ، والخوايزمي على " الهداية " (٢ / ٥٨) ! بل إن ابن الهمام
نقل عن الإمام محمد أنه قال في " الكافي " - جمعه بعضهم من كلام محمد -:
" لا صلاة في الاستسقاء، إنما فيه الدعاء؛ بلغنا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه خرج
ودعا، وبلغنا عن عمر أنه صعد المنبر فدعا واستسقى. ولم يبلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم