في ذلك صلاة إلا حديث واحد شاذ لا يؤخذ به ".
قلت: وهذا مما لا أظنه ثابتاً عن الامام محمد، كيف وهو قد روى في " الحجة "
حديثين اثنين بإسنادين ثابتين كما تقدم؟ ! ومثل هذا النقل عن الإمام محمد مما
يجعلنا نشك في كثير مما يذكره الحنفية في كتبهم معزواً لأئمتهم.
ثم ما هو هذا الحديث الواحد؟ وما هو وجه شذوذه؟ !
ولئن سلم بالشذوذ فيه؛ فكيف يمكن أن يقال به في أحاديث ثلاثة صحيحة
الأسانيد كلها تلتقي في قضية واحدة، وهي أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى صلاة الاستسقاء،
وفي أكثر من حادثة واحدة؟ ! تالله! لئن كان يصح في العلم أن يقال في مثله:
" شاذ "؛ فليس في الدنيا حديث صحيح غير شاذ!
ج - وبعضهم - لشدة تعصبه لإمامه ورفعه فوق مستوى الأئمة - صعب عليه
أن يعتقد أن إمامه ينفي شرعية الصلاة! لأن لازم ذلك الاعتراف بأنه لم يطلع على
أحاديثها، ثقل عليهم هذا؛ فتأولوا كلامه بتأويلين ينبو كلامه عنهما:
الأوَّل: أنه يعني نفي سنية الصلاة، لا عدم جوازها!
والآخر: أنه لا يعني نفي شرعية الصلاة مطلقاً، وإنما يعني صلاتها بجماعة!
(انظر " شرح الكنز " و " الهداية " وشروحها) (١) .
ولذلك؛ نقموا على الحافظ الزيلعي إنكاره ما نسبوه إلى الإمام من إنكاره
لإنكاره الذي ذكره في " الهداية "! وليس يخفى على أحد أن ذلك كله تكلف
بارد، وأن عبارة الإمام صريحة في إنكار شرعية صلاة الاستسقاء، فتأويل ذلك بما
تقدم باطل ظاهر البطلان؛ لمخالفته لعموم قوله: " لا نرى في الاستسقاء صلاة ".
(١) و " فيض الباري " للشيخ أنور الكشميري (٢ / ٣٧٧) .