وهو _ وإن لم يكن صريحا في الرفع , فهو _ في حكم المرفوع عند الجمهور, كما ذكرت في ((الإرواء)) (٤ / ١٣٢ - ١٣٣) , وهو الذي اختاره ابن جرير الطبري, بل إنه استصوب أنه لا يجوز أن يصوم غيرها, لأنه قبل إحرامه بالحج إنما يكون معتمرا وليس متمتعا بالعمرة إلى الحج, والله عز وجل يقول: (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي) , وإذا صامها بعد فراغه من مناسكه, فلم يصمها في الحج, وذلك خلاف قوله تعالى في تمام الآية: (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج. .) . فرجع كلامه, فإنه قوي رصين.
ويؤيده _ في رأيي _ أنها لا تنطبق إلا على من لم يجد الهدي يوم وجوبه, وهو يوم النحر, وأما قبل ذلك بأيام كثيرة أو قليلة, فلا عبرة بذلك, لأنه إن صام فيها, فمن الممكن أن يجده من بعد, فيجب عليه الهدي, ويذهب ما قدمه من الصيام, وما مثل هذا إلا مثل رجل معسر صام ثلاثة أيام ينوي بصومهن كفارة يمين, ليمين يريد أن يحلف بها ويخنث فيها, وذلك ما لا خلاف فيه أنه غير مجزئ من كفارة إن حلف بها بعد الصوم فحنث. إلى غير ذلك من الأمثلة التي ساقها ابن جرير في تأييده لما استصوبه من الحكم, فراجعه, فإنه قيم نفيس.
ومنه تعلم أنه لا وجه لوقف الشوكاني في ((السيل الجرار)) (١ / ٢٢١ - ٢٢٢) عن الأخذ بجواز صيام الأيام الثلاثة للمتمتع لتردده بين أن تكون الآية المتقدمة عامة خصصت بأحاديث النهي عن صيام أيام التشريق نهيا عاما في الأحاديث المشار إليها آنفا, أو أن تكون هذه الأحاديث مخصصة بالآية! قال:
((ولا ينتهض لنسخ النهي عن صيامها: ما ورد عن بعض الصحابة)) .
يشير إلى أثر عائشة وابن عمر المتقدمين, وقد عرفت أنهما في حكم المرفوع.