ولذلك؛ جرى الحفاظ أثناء تخريجهم للأحاديث على إعلال بعضها بتدليس أبي إسحاق واختلاطه، فانظر على سبيل المثال إعلال الحافظ البوصيري لحديث ابن ماجه (رقم ١٢٣٥) . ثَامِنًا وَأَخِيرًا: إن مما يدل على أن هذا الرجل لا معرفة له بهذا العلم. تعليله
لصحة إسناد هذا الحديث وأنه لا علة فيه ولا شذوذ - بزعمه! - فقال (ص ٣٦) :
" قال. . الهيثمي في " مجمع الزوائد " (٤ / ٢٧٧) : رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح "!
قلت: لقد علم كل من له معرفة بهذا العلم الشريف أن مثل هذا القول لا ينفي أي علة في الإسناد كالانقطاع والتدليس ونحوهما؛ فضلاً عن مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه؛ كما نبهت على ذلك مراراً!
ثم رأيت الحديث قد أورده الحافظ في " المطالب العالية لما (٢ / ١٧) معزواً
لأبي بكر بن أبي شيبة. يعني: في " مسنده "، وسكت عنه، ولم يقوه كما فعل في " الفتح " حين عزاه لأبي يعلى، وهو إنما رواه من طريق ابن أبي شيبة كما عرفت، وكأن الشيخ الأعظمي قلده في تعليقه على " المطالب "؛ فقال:
" إسناده لا بأس به، وسكت عليه البوصيري ".
وأقول: ليتك سكت مثله! إذن؛ لسترت هواك أو جهلك بهذا العلم الشريف؛ فإنك لا تحسن إلا التقليد - الذي قد طبعت به - أو التخريج الذي يحسنه المبتدؤون بهذا العلم؛ كما يدل على ذلك تعليقاتك الكثيرة على بعض كتب السنة؛ كهذا الكتاب: " المطالب "، ومثله: " كشف الأستار " و " مصنف عبد الرزاق " و " مسند الحميدي ".