وصح أنه صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة بنت قيس أن تنكح أسامة، فنكحها بأمره.
رواه مسلم، وعزاه في " منار السبيل " للمتفق عليه! وهو وهم كما نبهت عليه
في " الإرواء "(١٨٠٤، ١٨٦٤) .
وقد خالف ذلك من اعتبر الكفاءة في النسب، وهم الجمهور؛ كما نقله الشوكاني (٦ / ١١٥) وغيره. وقال الشافعي:
" ليس نكاح غير الأكفاء حَرَامًا فأرد به النكاح، وإنما هو تقصير بالمرأة والأولياء، فإذا رضوا؛ صحّ، ويكون حَقّاً لهم تركوه، فلو رضوا الا وَاحِدًا؛ فله فسخُه. قال: ولم يثبت في اعتبار الكفاءة بالنَّسب حديث ".
قلت: ومع أن قول الشافعي هذا أعدل من مذهب الجمهور؛ فقد تعقبه الشيخ السالمي الإباضي في " شرحه على مسند الربيع " بقوله عقبه (٣ / ١٣) :
" قلت: بل ثبت ذلك عند المصنف، وإن لم يسمعه الشافعي "!
فيقال له: أخطأت من وجهين:
الأول: أن قول الشافعي: " ولم يثبت. . . "؛ لا يعني أنه لم يسمعه، وإنما هو العكس تَمَامًا: سمع به ولم يثبت عنده.
والآخر: كيف ترد تلك الأحاديث الصحيحة المؤيّدة بالآية الكريمة: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ؟ ! وَأَخِيرًا: مَنْ هذا اَلْمُصَنِّف حتى تعارض بحديثه غَيْر اَلْمُسْنَد! عِلْمَ اَلْإِمَام
الشافعي الذي ملأ الآفاق؟ ! حتى ولو أسنده لم تقم به حجة؛ لجهالته، كما تقدم بيانه في الحديث الذي قبله.