النار في كتابه، وإن جاء الحديث عن أنس بن مالك أن الشفاعة لأهل اَلْكَبَائِر؛ فوالله! ما عنى القتل والزنى والسحر وما أوعد عليه النار!
قلت: والكلام عليه من وجوه:
الأول: أن هذا الحديث النافي للشفاعة مفترى على جابر بن زيد رحمه الله تعالى؛ فإنه ثقة إمام، أحد الأعلام، أثنى عليه ابن عباس وغيره من السلف، وله ترجمة عطرة في " تذكرة الحفاظ " وغيره. فلا يعقل أن ينكر الشفاعة وأحاديثها مشهورة متواترة!
والربيع بن حبيب مع أنه غير معروف عندنا أهل السنة؛ فإنه مع ذلك لم يذكر إسناده إليه، فهو منقطع. وبينهما في غالب أحاديثه مسلم بن أبي كريمة؛ وهو مجهول كما تقدم.
الثاني: أنه قد صح الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية جماعة من الصحابة رضي الله عنهم؛ منهم أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وأبو الدرداء، وكعب بن عجرة، وله عن أنس وحده طريقان، صحح أحدهما الترمذي وابن حبان والحاكم والذهبى، والآخر إسناده حسن. وهي مخرجة في " المشكاة "(٥٥٩٨ - ٥٥٩٩) ، و " ظلال الجنة "(٨٣٠ - ٨٣٢) ، و " الروض النضير "(٤٥، ٦٥) .
الثالث: لقد اعترف المؤلف بحديث أنس: أن الشفاعة لأهل الكبائر، ولكنه
نفى أن تكون لمن قتل أو زنى أو سحر، أو أتى ما أوعد عليه بالنار. فهذا معناه أن الكبائر نوعان: هذا أحدهما، وَالْآخَر ما ليس كذلك. وهذا التقسيم مما لا تقول به
الإباضية فيما نعلم، وهو الظاهر من كلام الشيخ الخليلي في كتابه الذي أسماه: