" الحق الدامغ "(ص ١٨٣ - ٢٢٦) . وكما تناقض هنا إمامه في اَلْكَبَائِر فجعلها قسمين، أحدهما تشمل أهلها الشفاعة؛ تناقض هو على النقيض من ذلك؛ فإنه لما استدل لمذهبه في تكفير جميع مرتكبي الكبائر وأنهم خالدون في النار مع الكفار بقوله تعالى:(بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) أورد على نفسه اعتراضين:
أحدهما: أن (السّيّئة) هنا هي الشرك؛ كما روي عن طَائِفَة من المفسرين،
وإذا كان هذا الوعيد لِلْمُشْرِكِينَ فهو لا يعم الموحدين.
فأجاب بقوله ما ملخصه:
" إن لفظ: (سيئة) نكرة مطلقة في سياق الشرط فهي تفيد العموم ".
فأقول: فإذا كانت عامة فهي تشمل الصغائر أَيْضًا التي تكفر بالحسنات كما قال تعالى: (إن الحسنات يُذهبن السيئات) ، وأنتم لا تقولون بذلك! فإذا خصصتموها بالكبائر سقط جوابكم، وسلم اعتراض أهل السنة عليكم. والغريب أنه كرر هذا الجواب الساقط في أكثر من موضع؛ كقوله (ص ٢٢٠) :
" وهذا الحكم يصدق على من أتى أي سَيِّئَة، فإن السيئات جنس غير محصورة أفراده، وما كان كذلك فحكمه يصدق على كل فرد من أفراده سَلْبًا أو إِيجَابًا ".
يقول هذا ويكرره وهو لا يشعر أنه ضد مذهبه؛ بل ومذاهب المسلمين جَمِيعًا! ! لأنه يستلزم أن الذي ينجو من الخلود إنما هو المعصوم عن كل سيئة صغرت أو كبرت! وما يحمله على اَلْوُقُوع في هذه المزالق أو المضايق إلا شغفه في الانتصار لمذهبه، والرد على أهل السنة. والله المستعان.