قلت: وكأنه لم يعرف هذا أو لم يستحضره حين حسَّن حديثه. كما أنه لم
يجد له حديثاً آخر، مع أن ابن عدي ساق له أحاديث أخرى؛ أحدها عند
الترمذي، وقد سبق تخريجه برقم (٣٠٥٦) ، وقال ابن عدي عقبها:
"ولتليد غير ما ذكرت، وبيِّنٌ على روايته الضعف ". وقال ابن الجوزي عقبه:
"لا يصح؛ تليد بن سليمان كان رافضياً يشتم عثمان. قال أحمد ويحيى:
كان كذاباً ".
قلت: ولقد أخطأ خطأ فاحشاً أحد إخواننا اللبنانيين حين استشهد بحديث
تليد هذا في تقوية حديث الترجمة؛ مغتراً بقول الهيثمي في "المجمع " (٩/١٦٩) :
"وفيه تليد بن سليمان، وفيه خلاف، وبقية رجاله رجال (الصحيح) "!
ولم يعلم أن هذا الخلاف الذي أشار إليه الهيثمي لا قيمة له - كما سبق بيانه -،
وكيف يصح الاستشهاد به وقد كذبه جمع؟!
وهذا مثال من مئات الأمثلة في تورط كثير من الشباب المتخرجين من
الجامعات وغيرهم في مبادرتهم في الكتابة في هذا العلم، واستسهالهم طريقة نقد
الأحاديث تصحيحاً وتضعيفاً، وهم بعدُ في أول الطريق! فقد كتب إليَّ المومأ إليه
رسالة ينتقدني فيها - بأدب واعتراف بالفضل - تضعيفي لبعض أحاديث "سنن
ابن ماجه " في كتابي الذي صدر حديثاً بعنوان: "ضعيف سنن ابن ماجه " طبع
المكتب الإسلامي، ولقد تصرف طابعه فيه بما لا يجوز مما لا مجال لبيانه هنا،
ولعل ذلك يكون في طبعة جديدة منا له إن شاء الله.
وكما أخطأ المومأ إليه في الاستشهاد بتليد هذا؛ كذلك أخطأ باستشهاده
برواية العرني - وقد ترجم لجميع رواته سواه! -، وبرواية صبيح - وزعم أنها مرسلة -!