وكما اختلفوا في اسم هذا الراوي للحديث اختلفوا في متنه رفعاً ووقفاً؛
فرفعه صفوان بن عمرو في روايته الأولى، وأوقفه في الأخرى.
وتابعه على وقفه حريز بن عثمان. فما اتفقا عليه؛ أولى بالاعتماد - كما لا
يخفى على الخبير بهذا العلم -.
وبالجملة؛ فالحديث ضعيف؛ للاضطراب والجهالة، مع كونه موقوفاً على
الراجح. والله أعلم.
ومما سبق تعلم خطأ الشيخ التويجري حين جزم في أول كتابه "الصارم
المشهور" (ص ٤ - الطبعة الأولى) بنسبته إلى عصمة بن قيس، وأنه في حكم
المرفوع! وأظن أن عمدته في ذلك إنما هو قول الهيثمي في "المجمع " (٧/ ٢٢٠) :
"ورجاله ثقات "!
وهذا لا يعني تقوية الحديث بوجه من الوجوه - كما يعلم ذلك البصير بهذا
العلم الشريف -، وقد مضى مني التنبيه على ذلك مراراً.
وأما قوله بأنه في حكم المرفوع؛ فنقول: نعم؛ ولكن أثبت العرش ثم انقُشْ!
ومن غرائبه أنه حمل الحديث على الإفرنج بحكم كونهم في المغرب! وهم
وإن كانوا سبباً لما أصاب المسلمين - من البلاء والانحراف عن الشرع، والعمل
بأحكامه، وإقامة حدوده - بسبب استعمارهم لبلادهم؛ فليس من المتبادر أنهم هم
المقصودون من الحديث - لو صح - لا شرعاً ولا اصطلاحاً.
أما الشرع؛ فواضح.
وأما اصطلاحاً؛ فإن المفهوم إليوم من (المغرب) إنما هي البلاد الواقعة في شمال
إفريقية غرب مصر، وهي: ليبيا وتونس والجزائر ومراكش، وهي بلاد إسلامية.
وانظر "معجم البلدان " لياقوت الحموي.