الملة"، وخرجه وتكلم عليه بكلام جيد، فإنه بعد قليل قال (ص ٢٠٥) :
" إلا أن الحديث يتقوى بشواهده، ومنها: "من ترك صلاة مكتوبة؛ فقد برئت
منه ذمة الله " ... "!
قلت: فهذا كذاك؛ لأنه لا يشهد للخروج من الملة، أي: أن وعيد الشاهد
دون وعيد المشهود له؛ بدليل أن المومى إليه قد حمل هذا الشاهد (ص ٨٨) على أن
المقصود براءة دون براءة الذمة من الكفار؛ أي: أنه أريد بها براءة دون براءة - كما
قلنا: كفر دون كفر، وشرك دون شرك -، أي: أنها براءة لا تخرج من الملة، وبالتالي
لا توجب الخلود في النار".
هذا كلامه، وهو مقبول منه وجيد في تفسير البراءة، ولكني - والله! - لا
أدري كيف [يكون] هذا الحديث المؤوَّل شاهداً لحديث الخروج من الملة؟! فإنه لا
يستطيع - في ظني - أن يتأوله بأن يقول: خروج دون خروج! بلى، لقد فعل
ذلك، وقال (ص ٢٠٥) ما نفيته! فسبحان ربي!
هذا وقد بقي لدي شيء أريد أن أذكره زيادة على ما تقدم من الأدلة على
نكارة حديث الترجمة: أن عبد الواحد بن زياد قد قال: ثنا قدامة بن عبد الله: ثنا
جسرة بنت دجاجة قالت:
خرجنا عُمَّاراً فوردنا الرُّبَذة ... الحديث بطوله.
أخرجه ابن نصر في "قيام الليل " (ص ٥٩) .
فقد لاحظت أنه ليس فيه حديث الترجمة ولا قول ابن مسعود: لا أسأله
عن شيء ... بل فيه عكسه تماماً؛ ففيه:
فلما أصبح؛ قلت لعبد الله بن مسعود: إن رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل الليلة كذا