والأمر الآخر: أننا لو سلمنا جدلاً بالتبرئة المذكورة؛ فإنه يرد على الشيخ
مؤاخذتان هامتان:
الأولى: أن في الإسنادين علتين فوق نعيم بن حماد:
١ - بقية بن الوليد: فإنه مدلس وقد عنعنه من طريق نعيم كما رأيت، ومن
طريق محمد بن ناصح كما سترى. ومن المعروف في علم المصطلح أن العنعنة من
المدلس علة تقدح في ثبوت الحديث، وبخاصة إذا كان من مثل بقية الذي قال فيه
أبو مسهر:
(أحاديث بقية ليست نقية؛ فكن منها على تقية ".
٢ - يزيد بن عبد الله الجهني: الظاهرأنه من شيوخ بقية المجهولين، فإنه لا
يعرف إلا بروايته عنه، ولم أجد له ذكراً في شيء من كتب الرجال القديمة
الأصول؛ مثل: "تاريخ البخاري" و "الجرح والتعديل" وغيرهما، وإنما ذكره الذهبي
في "الميزان "، وساق له برواية بقية عنه عن هاشم الأوقص عَنْ ابْنِ عُمَرَ مرفوعاً:
، من اشترى ثوباً بعشرة دراهم، وفي ثمنه درهم حرام ... " الحديث، وقد
سبق تخريجه برقم (٨٤٤) ، وذكرت هناك أن بقية اضطرب في إسناده؛ فراجعه.
والمقصود: أن الذهبي لم يذكر في ترجمة الجهني هذا غير هذا الحديث،
وقال فيه: "لا يصح ". ووافقه العسقلاني.
قلت: فهو مجهول العين؛ فلا أدري أعلم الشيخ التويجري بهاتين العلتين أم
تجاهلهما؟! وسواء كان هذا أو ذاك: أفيجوز لمثله أن يتطاول على الحافظ الذهبي وأن
ينسبه إلى التحامل! وهو من هو في هذا العلم ونقد الرواة والمتون؟!
ومما سبق تعلم أن تصحيح الحاكم لهذا الإسناد على شرط مسلم هو من
أفحش أخطائه الكثيرة في "مستدركه "!