تلك هي حال أبي عبيدة هذا، وقد تجاهلها الإباضيون؛ فلم يعرجوا على ما
نقلناه عن أئمتنا، ولو بجواب هزيل! بل بالغوا في الثناء عليه جزافاً من أنفسهم؛
كما فعل الشيخ السالمي في مقدمة "شرحه "، وقلده - مع الأسف! - الأستاذ
التنوخي في تقدمته للشرح - وغيره -؛ بل تبجح فقال (ص: ر) :
"وقَلَّ من المشتغلين بالحديث في ديارنا الشامية وفي مصر والعراق وغيرها من
له معرفة برجال هذا "المسند"، ولذا يحسن بنا أن نعرفهم ولو بإيجاز ... ".
ثم ذكر سنة ولادته ووفاته (٩٥ - ١٥٨) ، وأن من شيوخه جابر بن عبد الله
الأنصاري الصحابي الجليل!
فأقول: وهذا - والله! - منتهى الجهل، والتكلم بغير علم ... فإن جابراً رضي
الله عنه مات قبل الثمانين - باتفاق العلماء -، فكيف يدركه ويسمع منه من ولد
سنة (٩٥) - أي: بعد موته بنحو (١٥) سنة -؟!
أضف إلى ذلك: أنه لم يعتد بما تقدم عن علمائنا من أهل السنة، وهو - فيما
أعلم - منهم ومن تلامذة الشيخ جمال الدين القاسمي رحمه الله، فهل انحرف
عنه من بعده وصار إباضياً أكثر من الإباضيين أنفسهم؟! حتى رأيت بعض هؤلاء
يحتج بكلامه على أهل السنة!
فاللهم! غفراً، وأعوذ بالله من فساد هذا الزمان وأهله، لقد بلغت به الجرأة
وعدم المبالاة بما يخرج من فيه إلى الكذب المكشوف؛ كقوله (ص: هـ) :
"ورجال هذه السلسلة الربيعية من أوثق الرجال وأحفظهم وأصدقهم؛ لم يشب
أحاديثها شائبة إنكار، ولا إرسال، ولا انقطاع، ولا إعضال "!
وهذا مخالف لواقع "مسند الربيع " هذا تماماً. وشرح ذلك يحتاج إلى تأليف
كتاب، وحسبنا الآن بعض الأمثلة الدالة على غيره.