هكذا؛ أبو عبيدة عن جابر بن زيد عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ... فذكره.
قلت: وأبو عبيدة هذا اسمه: مسلم بن أبي كريمة التميمي: قال أبو حاتم
والذهبي - كما تقدم -:
"مجهول ".
ثم إن حديثه هذا باطل من وجوه:
الأول: أنه لا أصل له في شيء من كتب السنة؛ لا عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ ولا عن
غيره من الأصحاب.
الثاني: أنه مخالف في لفظه للحديث الصحيح عن جابر بن سمرة رضي الله
عنه قال: كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قُلْنَا السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ،
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْجَانِبَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"عَلَامَ تُومِئُونَ بِأَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟! إِنَّمَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ أَنْ يَضَعَ
يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَى أَخِيهِ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ ".
أخرجه مسلم وأبو عوانة وابن حبان في "صحاحهم "، وهو مخرج في
"صحيح أبي داود" (٩١٦ - ٩١٨) .
ووجه المخالفة واضح جدّاً: ففيه أن الرفع المستنكر إنما هو رفع الأيدي عند
السلام في آخر التشهد، وأنه وقع في عهده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنكره. وفي حديث الإباضية
أنه سيقع بعده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! وقد حملوه على رفع الأيدي عند الإحرام والركوع المتواتر
فعله عن الصحابة والسلف رضي الله عنهم. فقد ترجم له مرتب "مسند الربيع بن
حبيب " يوسف بن إبراهيم السدراني الوارجلاني (ت ٥٧٠) فقال:
" ما جاء في منع الاقتداء بمن يرفع يديه في الصلاة"!