ثم سنة الرفع عند الركوع وعند الاعتدال منه، ثم سنة ضَمّ اليد اليمنى على
اليسرى؛ فإن هذه سنن ثابتة بأحاديث متواترة ... ، إلخ.
خامساً: قال: "والحق: المنع ... لحديث الباب ".
قلت: قد عرفت أن الحديث منكر سنداً، باطل متناً، وإن مما يؤكد ذلك أن
ابن عباس الذي نسبوا الحديث إليه قد صح عنه من طرق أنه كان يرفع يديه عند
افتتاح الصلاة، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع.
أخرجه عبد الرزاق في (المصنف " (٢/٦٩) ، وابن أبي شيبة أيضاً (١/٢٣٥)
بسندٍ صحيح عنه.
ثم أخرجه عبد الرزاق بسند آخر صحيح عن طاوس قال:
رأيت عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير يرفعون أيديهم
في الصلاة.
قلت: فلو كان الحديث صحيحاً عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ، وبالمعنى الذي حملوه عليه؛
لم يخالفه ابن عباس ولا غيره من الأصحاب - كما هو ظاهر -.
سادساً: قال: "وحديث جابر بن سمرة: (ما لي أراكم ... ) " الحديث.
فأقول: هذه رواية مختصرة، قد فسرتها رواية أخري لمسلم وغيره، وبينت أن
الإنكار كان على رفع الأيدي عند السلام - كما تقدم -. وبهذا أجاب الشوكاني،
ولكنه قال عقبه:
"ورُدّ هذا الجواب بأنه قصر للعام على السبب، وهو مذهب مرجوح - كما تقرر
في الأصول -. وهذا الرد متجه؛ لولا أن الرفع قد ثبت من فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثبوتاً متواتراً
- كما تقدم -، وأقل أحوال هذه السنة المتواترة أن تصلح لجعلها قرينة لقصر ذلك