قلت: وإسناده صحيح ثلاثي أيضاً، وزرارة هذا هو ابن ربيعة، له ترجمة في
"التعجيل "، وذكر أنه وثقه ابن حبان وابن خَلْفون والعجلي. وابن حبان أورده في
"أتباع التابعين " (٦/٣٤٣) ، قال الحافظ:
"وكأنه لم يقف على روايته عن أنس ". يعني: هذه.
وللحديث شاهد من رواية ابن عباس:
أخرجه الدارمي (٢/٢٩٥) ، وفي إسناده من لم أعرفه، وأخشى أن يكون فيه
تحريف أو سقط.
والخلاصة: أن هذه الطرق الصحيحة عن أنس؛ تدل دلالة قاطعة على خطأ
حديث ابن إسحاق هذا عن أنس، وأن القصة لأنجشة ... لا البراء، وأن لفظه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إنما هو:
"رويدك؛ سوقك بالقوارير " ونحوه، وليس بلفظ:
"إياك والقوارير" ... كما رواه ابن إسحاق؛ فهو لفظ منكر، وعليه: فقول ابن
إسحاق في آخر الحديث:
"كره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تسمع النساء صوته "!
مما لاقيمة له، لأنه تفسير لما لم يثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وبذلك تعلم ضعف الاستدلال بهذا الحديث على ترجيح قول من قال في
تفسير قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رويدك؛ سوقك بالقوارير": أنه خشي على النساء الفتنة،
فأَمَرَه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالكف عن الحداء؛ كما فعل الشيخ التويجري في "الصارم المشهور"
(ص ١١٥ - ١١٦) ، وقلده أخونا محمد زينو في "كيف نربي أولادنا" (ص ٢٣)
فصححه!