للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بل الصواب القول الآخر؛ وهو ما جاء في "شرح السنة":

" المراد بالقوارير: النساء؛ شبههن بالقوارير لضعف عزائمهن، والقوارير يسرع

إليها الكسر، وكان أَنْجَشَةُ غلاماً أسود، وفي سوقه عنف، فأمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يرفق بهن

في السوق؛ كما يرفق بالدابة التي عليها قوارير".

قلت: وهذا هو الذي رجحه الشيخ العلامة علي القاري؛ فقال في "المرقاة"

(٤/٦١٩) :

"وهذا المعنى أظهر - كما لا يخفى -؛ فإنه ناشئ عن الرحمة والشفقة، وذاك

عن سوء ظن لايليق بمنصب النبوة".

فأقول: هذا هو الحق الذي لا يمكن القول بغيره إذا ما جمعت طرق الحديث

وألفاظه، وزياداته، وأمعن النظر في معانيها:

أولاً: قوله: " رويدك " ... معناه: أمْهِل وتَأَنَّ - كما في " النهاية " وغيره -، وقال

الرامهرمزي:

"يقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اجعل سيرك على مهل؛ فإنك تسير بالقوارير ... فكنى عن ذكر

النساء بالقوارير ... ". وقال عياض: " أي: سُق سوقاً رويداً " (١) .

قلت: والذين ذهبوا إلى القول الأول فسروه بالكف عن الحداء - كما تقدم -،

ومثله في "النهاية" وغيره، وهذا خَلف كما لا يخفى! وهو يلتقي مع حديث

الترجمة الذي جاء في آخره: "فأمسك ". وهذا مثال من عشرات بل مئات الأمثلة

في الآثار السيئة للأحاديث الضعيفة كما هو مصرح في عنوان هذه "السلسلة"،


(١) ذكره الحافظ في جملة أقوال أخرى للعلماء، ولا تخرج عن هذا المعنى، فانظر "فتح
الباري، (١٠/ ٥٤٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>