ومع ذلك فكثير من أهل العلم في غفلتهم ساهون عن آثارها!
ثانياً: قوله في رواية النسائي وأحمد فِي حَدِيثِ شعبة عن ثابت:
"ارفق بالقوارير". وجمع الأنصاري في "جزئه " بين اللفظين؛ فقال:
"رويدك ارفق " - ذكره في "الفتح " (١٠/٥٤٤) -.
فأقول: صريح في أنه ليس المراد بهذا الأمر الإمساك عن الحداء مطلقاً، وإنما
تلطيفه وتخفيفه " لكي لا تسرع الإبل في سيرها، وإلا؛ كانت النساء مُعَرَّضَاتٍ
للتألم، وربما للسقوط من الإبل بسبب كثرة الحركة والاضطراب الناشئ عن
السرعة؛ من باب إطلاق السبب وإرادة المسبب. ويزيده وضوحاً:
ثالثاً: قوله في رواية حماد بن سلمة:
"فحدا؛ فأعنقت الإبل ... ".
أي: أسرعت؛ وَزْناً ومعنى - كما قال الحافظ في "الفتح " -.
فهذا يوضح ما ذكرته آنفاً أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أراد بذلك الأمر سلامة النساء من الأذى
في أبدانهن، وليس السلامة من الفتنة، وإلا، لم يكن لذكر إسراع الإبل معنى
يذكر.
رابعاً: فِي حَدِيثِ حميد عن أناس:
كان رجل يسوق بأمهات المؤمنين يقال له: (أنجشة) ، فاشتد في السياقة. زاد
شعبة عن ثابت: فكان نساؤه يتقدمن بين يديه.
فهذا يعني: أنه كان من نتيجة السرعة أن تقدمت نساؤه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين يديه،
وذلك مما يؤلمهن ولا تتحمله أجسامهن؛ فأمر (أنجشة) بالرفق بهن، وعدم الإسراع
بإبلهن، وليس خوفاً عليهن من الافتتان بحسن صوته! ويؤكد هذا: