"وهذا الإسناد أصح ".
قلت: فإذا عرف ضعف حديث الترجمة؛ فلا يجوز الاستدلال به على جواز
الاستعانة بالكفار في قتال المشركين، ولا سيما وهو مخالف لعموم حديث عائشة
وما في معناه، وقد اختلف العلماء في ذلك كما في "نيل الأوطار" (٧/١٨٧)
للشوكاني، واختار هو المنع مطلقاً، وأجاب عن أدلة من خالف بأنها لا تصح رواية
كحديث الترجمة، أو دراية كغيره، فليراجعه من شاء، وأيد المنع بقوله تعالى:
(ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً ".
ومما يجب التنبيه عليه هنا أمران:
الأول: أن ما حكاه الشوكاني عن أبي حنيفة والشافعي من الجواز ليس على
إطلاقه، أما بالنسبة لأبي حنيفة رحمه الله؛ فقد قال أبو جعفر الطحاوي في
"مختصره " (ص ١٦٧) :
"ولا ينبغي للإمام أن يستعين بأهل الذمة في قتال العدو؛ إلا أن يكون
الإسلام هو الغالب".
وأما بالنسبة للشافعي رحمه الله؛ فقال النووي في "شرح مسلم " تحت حديث
عائشة المتقدم:
"فأخذ طاثفة من العلماء به على إطلاقه. وقال الشافعي وآخرون: إن كان
الكافر حسن الرأي في المسلمين، ودعت الحاجة إلى الاستعانة به استعين به؛
وإلا فيكره، وحمل الحديثين على هذين الحالين ".
قلت: يشير بهما إلى حديث عائشة، إلى حديث أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استعان
بصفوان بن أمية قبل إسلامه.