قلت: والحديث الذي يشير إليه سأذكره عقب هذا. وقال الحافظ في "اللسان ":
"وقد اعتمد ابن حبان في "صحيحه " على الحارث هذا، وذكره في "الثقات "،
وقال: مستقيم الحديث ... ".
ثم ذكر أنه روى عنه موسى بن هارون الحمال وآخرون، وأن أبا زرعة قال: لم
يبلغني أنه حدث بحديث منكر إلا حديثاً واحداً أخطأ فيه، ويشبه أن يكون دخل
له حديث فِي حَدِيثِ.
قلت: وذكر أن الحديث في النهي عن قتل النملة والنحلة، رواه الحارث عن
إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عبيد الله عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ، وقال أبو زرعة:
"ليس هذا من حديث إبراهيم بن سعد ... ".
فأقول: وهذا خطأ محتمل؛ لأن الحديث محفوظ عن الزهري من طرق عنه،
وهو مخرج في "الإرواء" (٨/١٤٢/ ٢٤٩٠) ، وإذا كان كذلك؛ فلا أرى إعلال
الحديث به، وإنما بشيخه - كما تقدم -، وإما بالراوي عنه، وهو قولي:
ثالثاً: موسى بن محمد ... الكسائي: هذا لم أعرفه.
وبالجملة؛ فهذه الطريق هي أخف ضعفاً مما قبلها. ومع ذلك فالحديث؛ يشهد
القلب أن ابن اجوزي لم يبعد عن الصواب حين حكم عليه بالوضع، وأن السيوطي
لم يصنع شيئاً حين قَعْقَعَ عليه بهذه الطريق ومتابعة الهيثم بن جماز، وهو متهم
- كما سبق -، والمتن منكر، وعلامة الوضع والصنع عليه لائحة، والعجب من
الحافظ كيف سكت عليه في "الدراية" (١/ ١٦٠) ، وقد عزاه لـ "مسند ابن راهويه "
- تبعاً لأصله "نصب الراية " (١/٤٣٤) -! لكن هذا ساق إسناده؛ فبرئت عهدته
منه، بخلاف الحافظ؛ فكان عليه أن يبين علته حين حذف إسناده. ومثله إيراد