ثم قال ابن الجزري عقب كلامه المتقدم:
"ويقوي ذلك ما قدمناه عن الإمام أحمد أنه أمر الفضل بن زياد أن يدعو
عقب الختم وهو قائم في صلاة التراويح، وأنه فعل ذلك معه ".
وأقول: هذه تقوية عجيبة من مثل ابن الجزري؛ كيف يقوي حديثاً طويلاً - يرفعه
إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذاك الكذاب الرافضي - لمجرد أمر الإمام أحمد بالدعاء عقب ختم
القرآن، فهذا أخص مما في هذا الحديث؛ أي: أنه يقوي الأعم بما هو أخص، أو
الكل بالجزء؟! وهذا مما لا يستقيم في العقل. فتأمل!
(تنبيه) : إن الدعاء المطبوع في آخر بعض المصاحف المطبوعة في تركيا وغيرها
تحت عنوان: "دعاء ختم القرآن " والذي ينسب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه
الله تعالى؛ فهو مما لا نعلم له أصلاً عن ابن تيمية أو غيره أن علماء الإسلام،
وما كنت أحب أن يلحق بآخر المصحف الذي قام بطبعه المكتب الإسلامي في
بيروت سنة (١٣٨٦) على نفقة الشيخ أحمد بن علي بن عبد الله آل ثاني رحمه
الله، وإن كان قد صُدّر بعبارة: "المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية"؛ فإنها لا
تعطي أن النسبة إليه لا تصح فيما يفهم عامة الناس، وقد أمرنا أن نكلم الناس
على قدر عقولهم!
ومما لا شك فيه أن التزام دعاء معين بعد ختم القرآن من البدع التي لا تجوز؛
لعموم الأدلة، كقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار"، وهو من
البدع التي يسميها الإمام الشاطبي بـ "البدعة الإضافية"، وشيخ الإسلام ابن
تيمية من أبعد الناس عن أن يأتي بمثل هذه البدعة، كيف وهو كان له الفضل
الأول - في زمانه وفيما بعده - بإحياء السنن وإماتة البدع؟ جزاه الله خيراً.