هذا وتفسير الزمخشري الذي سبقت الإشارة إليه في كلام الحافظ هو قوله في " تفسيره "(٢ / ٢٣٦) : " وقد بلغني أن من الضلال من اغتر بهذا الحديث فاعتقد أن الكفار لا يخلدون في النار، وهذا والعياذ بالله من الخذلان المبين، ولئن صح هذا عن ابن عمرو فمعناه أنهم يخرجون من النار إلى برد الزمهرير، فذلك خلوجهنم وصفق أبوابها ". وهذا تأويل بعيد.
والأقرب ما سبق عن الحافظ، إلا أنني أرى أن الصواب عدم الاشتغال بالتأويل ما دام أن الحديث لم يصح. والله أعلم. واعلم أن من أذناب هؤلاء الضلال في القول بانتهاء عذاب الكفار الطائفة القاديانية، بل هم قد زادوا في ذلك على إخوانهم الضلال، فذهبوا إلى أن مصير الكفار إلى الجنة! نص على ذلك ابن دجالهم الأكبر محمود بشير بن غلام أحمد في كتاب " الدعوة الأحمدية ". فمن شاء التأكد من ذلك فليراجعها فإني لم أطلها الآن. وإن مما يجب الوقوف عنده، وتحقيق القول فيه ما ذكره ابن القيم في " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح "(٢ / ١٧١ - ١٧٢) من رواية عبد بن حميد (قال) : بإسنادين صحيحين له عن الحسن قال:
قال عمر بن الخطاب:" لولبث أهل النار عدد رمل عالج، لكان لهم يوم يخرجون فيه ". ذكر ذلك في تفسير قوله تعالى (لابثين فيها أحقابا) .
وقال ابن القيم:" وحسبك بهذا الإسناد جلالة، والحسن وإن لم يسمع من عمر، فإنما رواه عن بعض التابعين، ولو لم يصح عنده ذلك عن عمر لما جزم به وقال: قال عمر بن الخطاب ".
قلت: هذا كلام خطابي، أستغرب صدوره من ابن القيم رحمه الله. لأنه خلاف ما هو مقرر عند أهل الحديث في تعريف الحديث الصحيح: أنه المسند المتصل برواية العدل الضابط، فإذا اعترف بانقطاعه بين الحسن وعمر، فهو مناف للصحة بله الجلالة! وخلاف المعروف عندهم من ردهم لمراسيل الحسن البصري خاصة، ولذلك قال الحافظ ابن حجر في أثر الحسن هذا نفسه:" فهو منقطع، ومراسيل الحسن عندهم واهية، لأنه كان يأخذ من كل أحد "! وقوله: " فإنما رواه عن بعض التابعين،.... " قلنا: نعم، فكان ماذا؟ أليس كذلك كل مرسل تابعي؟ إنما رواه عن تابعي إن لم يكن عن صحابي؟ فلماذا إذن اعتبر المحدثون الحديث المرسل أو المنقطع من قسم الحديث الضعيف؟ ذلك لاحتمال أن يكون الرجل الساقط من الإسناد مجهولا أو ضعيفا لا يحتج به لوعرف، وهذا بخلاف ما لوكان المرسل لا يروي إلا عن صحابي فإن حديثه حجة، لأن الصحابة كلهم عدول، فهذا المرسل فقط هو الذي يحتج به من بين المراسيل كلها، وهو الذي اختاره الغزالي وصححه الحافظ العلائي في " جامع التحصيل في أحكام المراسيل "(٧ / ١) ، وأما دعوى البعض أن الإجماع كان على الاحتجاج بالحديث المرسل حتى جاء