الإمام الشافعي، فدعوى باطلة مردودة بأمور منها ما رواه مسلم في مقدمة " صحيحه "(١ / ١٢) عن عبد
الله بن المبارك أنه رد حديث " إن من البر بعد البر أن تصلي لهما مع صلاتك، وتصوم لهما مع صيامك " بعلة الإرسال، في قصة له تراجع هناك.
وابن المبارك رحمه الله توفي قبل الشافعي بأكثر من عشرين سنة. وكلام ابن القيم المذكور - مع مخالفته للأصول - يلزمه أن يقبل مراسيل الحسن البصري كلها إذا صح السند إليه بها، وما أخاله يلتزم ذلك، كيف ومنها ما رواه عن سمرة مرفوعا. " لما حملت حواء طاف بها إبليس، وكان لا يعيش لها ولد، فقال: سميه عبد الحارث. فسمته عبد الحارث، فعاش، وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره ".
فهذا إسناده خير من إسناد الحسن عن عمر، لأنه قد قيل أن الحسن سمع من سمرة، بل ثبت أنه سمع منه حديث العقيقة في " صحيح البخاري "، وهو مع جلالته، مدلس لا يحتج بما عنعنه من الحديث، ولوكان قد لقي الذي دلس عنه كسمرة، فهل يحتج ابن القيم بحديثه هذا عن سمرة ويقول فيه:" فإنما رواه عن بعض التابعين ... "؟ ! كلا إن ابن القيم رحمه الله تعالى أعلم وأفقه من أن يفعل ذلك، مع العلم أن بعضهم قد فسر بهذا الحديث قوله تعالى:(فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما)
فأرجع ضمير (جعلا) إلى آدم وحواء عليهما السلام! مع أن الحسن نفسه لم يفسر الآية بحديثه هذا كما بيناه فيما تقدم (رقم ٣٤٢) ، وكذلك صنع ابن القيم فإنه فسر الآية المذكورة بنحوما فسره الحسن، قال في " التبيان "(٢٦٤) : " فاستطرد من ذكر الأبو ين إلى ذكر المشركين من أولادهم ".
وكم من حديث من رواية الحسن مرسلا أو منقطعا لم يأخذ به ابن القيم كغيره من أهل العلم بل إن بعضها ثبت عن الحسن الإفتاء بخلافه، وليس هذا مجال بيانه، غير أني أقول: إن هذا الأثر الذي رواه الحسن عن عمر، هو في المعنى كالأثر المتقدم الذي رواه أبو بلج عن عبد الله بن عمرو.
ومع ذلك لما سئل عنه الحسن رحمه الله تعالى أنكره، كما تقدم من رواية الفسوي عن ثابت عنه. وأقول الآن: إن حديث بطلان الصلاة بالقهقهة قد جاء مرسلا عن جماعة من التابعين أشهرهم أبو العالية، ومنهم الحسن البصري، وهو صحيح عنه، فقد قال البيهقي في " كتاب معرفة السنن والآثار "(ص ١٣٩ - طبع الهند) : " وقد رواه جماعة عن الحسن البصري مرسلا ".
فهل يأخذ به ابن القيم؟! ويؤسفني أن أقول: إن القاديانية في ضلالهم المشار إليه آنفا (ص ٧٣) يجدون متكئا لهم في بعض ما ذهبوا إليه في بعض كتب أئمتنا من أهل السنة، فقد عقد العلامة ابن القيم في كتابه " الحادي " فصلا خاصا في أبدية النار، أطال الكلام فيه جدا، وحكى في ذلك سبعة أقوال، أبطلها كلها سوى قولين منها: