ابن عبد الله بن إياس الليثي عن القاسم بن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبيه
عن عطاء عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ عن أخيه الفضل بن العباس قال:
جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَوَجَدْتُهُ مَوْعُوكاً قَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ،
فَأخُذَ بِيَدِي، وَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، فأقبل حتى جَلَسَ على الْمِنْبَرِ، ثُمَّ قَالَ:
"ناد فِي النَّاسِ". فَصِحْتُ فِي النَّاسِ، فَاجْتَمَعوا إِلَيْهِ، فقَالَ:
" أما بعد: أَيُّهَا النَّاسُ! فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، وإنه دنا
مني خلوف بين أَظْهُرِكُمْ، فَمَنْ كُنْتُ جَلَدْتُ لَهُ ظَهْرَاً فَهَذَا ظَهْرِي؛ فَلْيَسْتَقِدَّ
مِنْهُ، وَمَنْ كُنْتُ شَتَمْتُ لَهُ عِرْضاً فَهَذَا عِرْضِي؛ فَلْيَسْتَقِدَّ مِنْهُ، ومن كنت أخذت
له مالاً، فهذا مالي؛ فليأخذ منه، ولا يقولن رجل: إني أخشى الشحناء من
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ألا وإن الشحناء ليس من طبيعتي ولا شأني، ألا وإن أحبكم إلي
من أخذ حقاً إن كان له، أو حللني؛ فلقيت الله عَزَّ وَجَلَّ وأنا طيب النفس. وإني
أرى أن هذا غير مغن عني حتى أقوم فيكم مراراً ".
ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رجع فجلس على الْمِنْبَرِ، فَعَادَ لِمَقَالَتِهِ الأولى فِي
الشَّحْنَاءِ وَغَيْرِهَا.
فقام رجل فقال: يا نبي الله! إن لي عندك ثلاثة دراهم! قال:
"أما إنا لا نكذب قائلاً ولا نستحلفه على يمين، فيم كان لك عندي؟ ".
قال: تذكر يوم مرَّ بك المسكين، فأمرتني، فأعطيته ثلاثة دراهم؟ فقال:
"أعطه يا فضل! ". فأمر به فجلس. ثم قال:
"مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ؛ فليؤده وَلا يَقُولُ رجل: فُضُوحَ الدُّنْيَا! ألا وَإِنَّ فُضُوحَ
الدُّنْيَا أَيْسَرُ مِنْ فُضُوحِ الآخرة".