فقام رجل فقال: عندي ثلاثة دراهم غللتها في سبيل الله، قال:
"فلم غللتها؟ ". قال: كنت محتاجاً. قال:
"خذها منه يا فضل! ". ثم قال:
" من خشي من نفسه شيئاً، فليقم أدْعُ له ".
فقام رجل فقال: يا نبي الله! إني لكذاب، وإني لفاحش، وإني لنؤوم. فقال:
"اللهم! ارزقه صدقاً، وأذهب عنه من النوم إذا أراد".
ثم قام آخو فقال: إني لكذاب، وإني لمنافق، وما من شيء إلا قد جئته.
فقام عمر فقال: فضحت نفسك. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يا عمر! فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة، اللهم! ارزقه صدقاً، وإيماناً
تصير أمره إلى خير".
فقال عمر كلمة، فضحك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال:
"عمر معي، وأنا مع عمر، والحق بعدي مع عمر حيث كان ". وقال الطبراني:
"لا يروى إلا بهذا الإسناد؛ تفرد به الحارث بن عبد الملك ".
قلت: وهو ممن لا يعرف إلا برواية معن هذا عنه، ولم يذكره البخاري - في
"التاريخ " - وابن أبي حاتم إلا بهذه الرواية، وتبعهم ابن حبان، ولكنه ذكره في
"الثقات " (٨/١٨٢) ! وكذلك فعل في شيخه القاسم بن يزيد بن عبد الله بن
فُسيط، فأورده فيه (٩/١٥) برواية الحارث هذا فقط!! وهذا أنكى وأمر، فذاك روى
عنه ثقة، وهذا روى عنه مجهول! وهكذا أورده البخاري في "التاريخ " (٤/١/١٧٠)
برواية الحارث فقط عنه، ولم يذكره ابن أبي حاتم في كتابه مطلقاً. وفي ترجمته