للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(تنبيه) : وأما الرواية التي أخرجها الطبري في "كتابيه" من طريق سفيان عن

أبي هاشم عن مجاهد عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ موقوفاً بلفظ:

"إن الله تعالى ذِكْرُهُ كان على عرشه قبل أن يخلق شيئاً فكان أول ما خلق

الله القلم، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة ... ". الحديث.

فهو منكر جداً عندي لقوله:"قبل أن يخلق شيئاً" ... فإنه يشعر أن العرش

غير مخلوق! وهذا باطل، وقد رواه شعبة عن أبي هاشم فلم يذكر

فيه هذا الباطل. ولعله من قبل أبي هاشم الرماني، فإنه وإن كان ثقة بالاتفاق،

فقد غمزه ابن حبان، فقال في "ثقاته" (٧/٥٩٦) :

"كان يخطئ، يجب أن يعتبر حديثه إذا كان من رواية الثقات عنه، فأما

رواية الضعفاء عنه ... فان الوهن يلزق بهم دونه لانه صدوق لم يكن له سبب

يوهن به غير الخطأ، والخطأ متى لم يفحش لا يستحق من وجد فيه ذلك الترك".

قلت: وإذا كان لا بد من تعصيب الخطأ في ذلك القول إلى أحد من سلسلة

هذا الإسناد، فالأولى أن ينسب إلى من دون ابن عباس، ثم إن أولاهم به هو أبو

هاشم هذا -لما سبق-، وليس الراوي عنه سفيان -وهو: الثوري-، فإنه:"ثقة حافظ

فقيه عابد إمام حجة" - كما قال الحافظ في "التقريب" -.

وإن مما يبطل ذاك القول ونسبته إلى ابن عباس: أنه نفسه ممن روى عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ما يؤكد بطلانه لما تقدم بلفظ:

"إن أول شيء خلقه الله تعالى القلم ... ".

ولذلك قال الطبري رحمه الله:

"وقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي رويناه أولى بالصواب، لأنه كان أعلم قائل بذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>