أقول: كان ينبغي هذا أيضاً في تعليقي على "الرياض" يوم طلب مني صاحب
المكتب الإسلامي أن أعلق عليه، وأبين مراتب أحاديثه بتعليقات سريعة لا تتناول
كل أحاديثه، لأمر يعرفه هو كناشر وتاجر!
ثم جاء دور أحد الشباب المدعين لهذا العلم، ممن يقال في مثله: إنه "تزبب
قبل أن يتحصرم "، فأخرج الكتاب المذكور "الرياض" في طبعة جديدة تسر
الناظرين إليها، وتسيء إلى العلم والعلماء بما فيها من حذف، وحكم بغير علم أو
دليل، فقد حذف منها نحو مائة وخمسين حديثاً زعم أنها ضعيفة كلها، فأوردها
في آخر الكتاب تحت عنوان "الأحاديث الضعيفة المحذوفة من أصل الكتاب"،
وتكلم عليها، بإيجاز تارة، وبإسهاب تارة أخرى، وقد كشف بذلك على جهل بالغ
بهذا العلم الشريف، مع قلة أمانة في النقل عن أئمة الجرح والتعديل، وتجاهل
لبعض أقوالهم في التوثيق، معرضاً عن قاعدة تقوية الأحاديث بالطرق والشواهد،
فأوصله ذلك إلى الاعتداء على كثير من الأحاديث الصحيحة المشهورة، التي لم
يسبق من أحد من أهل العلم إلى تضعيفها بل تلقوها كلهم بالقبول، كحديث
العرباض بن سارية في الموعظة، وفيه الحض على التمسك بسنته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسنة
الخلفاء الراشدين.
وحديث أبي هريرة في فضل آية الكرسي، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الشيطان: "صدقك
وهو كذوب ". رواه البخاري، ومع أنه ذكر له من الشواهد، ولكنه تجاهلها! إلى
غير ذلك من الأحاديث التي كنت رددت عليه في بعضها في الاستدراكات التي
ألحقتها بآخر المجلد الثاني من " سلسلة الأحاديث الصحيحة" الطبعة الجديدة.
وإن مما يؤكد ما تقدم بيانه من الجهل بهذا العلم: أنه لم يتكلم بتصحيح أو
تحسين على حديث واحد من الأحاديث التي احتفظ بها في "رياضه"، لأنه يعلم