والآخر: إيهام القراء بتفريقه في الحكم بين رواية الطبراني ورواية أبي يعلى
بأنها متغايراتان، والواقع أنهما واحدة، إلا أنه في الرواية الأولى اعتمد على الذهبي
في تجهيل الراوي، وفي الرواية الأخرى اعتمد على توثيق ابن حبان! والصواب
بداهة مع الذهبي، لما علمت من تفرد إسماعيل بالرواية عن الوليد بن عباد.
على أن ابن عياش هذا فيه كلام من جهة حفظه، والذي عليه المحققون من
المتقدمين والمتأخرين التفريق بين روايته عن الشاميين، فهي صحيحة، وروايته عن
غيرهم، فهي ضعيفة، خلافاً لبعض المغرورين بعلمهم الذي يذكرني بحديث
"الرويبضة"، فإنه ركب رأسه، وخالف العلماء، وأطلق الضعف على ابن عياش
في تضعيفه لحديث العرباض في ترجمة الوليد هذا أنه من الشاميين، فليست روايته عنه
صحيحة. والله أعلم.
ثم إن الحديث قد جاء عن أبي هريرة من طريقين آخرين: أحدهما عند ابن
ماجه (رقم ٧) ، والآخر عند ابن حبان (١٨٥٢) ، وابن عساكر (١/٢٤٣) ، بإسنادين
حسنين مختصراً، دون ذكر الأبواب، ودون قوله في آخره:
"حتى يخرج لهم الله ... " إلخ.
فهي زيادات منكرة يقيناً، وبخاصة أنها لم ترد أيضاً في أحاديث الصحابة
الآخرين الذين وافقوا أبا هريرة في رواية أصل الحديث، وقد خرجت أحاديث نحو
عشرة منهم في "الصحيحة" (١٩٦٢) .
وقد ساق الحافظ ابن عساكر طرقاً أخرى لحديث أبي هريرة، بعضها موافق لما
ذكرت من الأحاديث الصحيحة، وفي بعضها زيادات أخرى منكرة أيضاً مثل:
"هم أهل الشام" وفي لفظ: "أكثرهم أهل الشام".