وهذا منكر جداً، فإنه مع مخالفته لكل الروايات المتقدمة - على ضعفها - فهو
مخالف لحديث أبي بشر عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي
قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} ، قَالَ:
نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخْتَفٍ بِمَكَّةَ، كَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ، رَفَعَ صَوْتَهُ
بِالْقُرْآنِ، فَإِذَا سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ، سَبُّوا الْقُرْآنَ، وَمَنْ أَنْزَلَهُ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} ، أَيْ: بِقِرَاءَتِكَ فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ، فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ:
{وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} عَنْ أَصْحَابِكَ فَلَا تُسْمِعُهُمْ: {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} .
أخرجه البخاري (٤٧٢٢) ، ومسلم (٢/٣٤) ، والترمذي (٣١٤٥ - ٣١٤٦) ،
والنسائي في "الكبرى" (٦/٣٨٤/١١٣٠٠) ، والبيهقي (٢/١٩٥) ، وأحمد (١/
٢١٥) ،وقال الترمذي:
"حديث حسن صحيح".
قلت: ففي هذا الحديث الصحيح: أن هذه الآية إنما نزلت في قراءة القرآن لا
في البسملة - كما قال الزيلعي -، وابن حبيب جمع بين هذا الحديث الصحيح،
وذاك الحديث المنكر.
وقد أعله الحافظ في "الدراية" (١/١٣٦) من وجه آخر، فقال:
"والمتن معلول من جهة أن مسيلمة لم يكن يدعي الألوهية، ومن جهة
التسمية (الأصل: التسليم!) ،لكن في نص الخبر أنه يدعى (رحمان اليمامة،
ولفظ (الرحمن) في بقية الفاتحة، وهو قول: (الرحمن الرحيم) بعد: (الحمد لله
رب العالمين) ، فلا معنى للإسرار بالبسلمة لأجل ذكر: (الرحيم) ، مع وجود ذكر:
(الرحمن) عقب ذلك ".