وهذا غاية في تحقيق نكارة الحديث، فالعجب من شيخ الإسلام ابن تيمية
كيف قال في "مجموع الفتاوى" (٢٢/٣٧١) :
" وَقَدْ رَوَى الطبراني بِإِسْنَادِ حَسَنٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْهَرُ
بِهَا إذْ كَانَ بِمَكَّةَ، وَأَنَّهُ لَمَّا هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ تَرَكَ الْجَهْرَ بِهَا حَتَّى مَاتَ "!
وأنا على مثل اليقين أنه كتب هذا من حافظته، دون أن يتسنى له الرجوع
إلى إسناده، ليرى أن فيه شريكاً القاضي ويحيى بن طلحة اليربوعي، ولو أنه قُيِّض
لع التوسع في البحث وجمع الطرق والألفاظ، لتبينت له تلك العلل.
وإن مما يؤكد لك ذلك أنه ذكر باللفظ الملفق من لفظ مرسل أبي داود، و"مسند
الطبراني "، وكلاهما ليس فيهما أن الترك كان: لما هاجر إلى المدينة. فجلَّ من لا
يضل ولا ينسى.
ولقد استروح إلى هذا التحسين المعلق على "نصب الراية" (١/٣٢٤) ، دون
أي بحث أو تحقيق، وما ذاك إلا لأنه وافق المذهب الحنفي!
والهيثمي مع تساهله المعروف عند الباحثين لم يزد على قوله بعدما عزاه
لـ "المعجمين" (٢/١٠٨) :
"ورجاله موثقون".
فإن هذا لا يعني تصحيحاً ولا تحسيناً، وإنما يعني توثيق بعض رواته توثيقاً
ليِّناً، وهو يشير إلى شريك القاضي، ويحيى اليربوعي، وهذا لم يوثقه غير ابن
حبان (٩/٢٦٢) ، مع ذلك فقد قال فيه:
"كان يغرب عن أبي نعيم ".
وقد عارض هذا الحديث المنكر بعض المجهولين بمنكر آخر، رواه عمر بن
حفص المكي عن ابن جريج عن عطاء عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ: