لبعض المخالفين، فأحببت أن أنقله إلى القراء، لعزته - حتى عند الحنابلة - وفائدته.
قال ابن عبد البر في "التمهيد" (٢/٢٣٣) :
" واحتج من أباح زيارة القبور للنساء بما حدثناه عبد الله بن محمد ... (فساق
إسناده إلى أبي بكر الأثرم قال: حدثنا محمد بن المنهال ... فساق إسناده إلى
عائشة بالأثر المذكور ثم قال:)
قال أبو بكر: وسمعت ابا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - يُسأل عن المرأة
تزور القبر؟ فقال: أرجو - إن شاء الله - أن لا يكون به بأس، عائشة زارت قبر أخيها.
قال: ولكن حديث ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعن زوارات القبور. ثم:قال هذا أبو
صالح.. ماذا؟ كأنه يضعفه. ثم قال: أرجو إن شاء الله، عائشة زارت قبر أخيها.
قيل لأبي عبد الله: فالرجال؟ قال: أما الرجال فلا بأس به ".
وحديث ابن عباس ذكر له ابن عبد البر شاهداً من حديث أبي هريرة - كأنه
يشير إلى تقويته -، وهو كذلك، فإن له شاهداً آخر من حديث حسان، وقد خرجت
ثلاثتها في "أحكام الجنائز" (٢٣٥ - ٢٣٧) و"الإرواء" (٣/٢٣٢ - ٢٣٣) ، وأجاب
عنه ابن عبد البر (٢/٢٣٢) على ما قبل الإباحة، وحمله غيره من العلماء عن
المكثرات للزيارة، فراجع له "الإحكام".
وعلى هذا، فليست المعالجة لما يقع من النساء من المخالفة للشرع عند الزيارة
بالتشدد المشار إليه، فإن مثله يقع أيضاً من الرجال، وإنما تكون بتذكيرهم بالغاية
من شرعية الزيارة، وهي ترقيق القلب وتذكر بالآخرة، والسلام على أهل القبور،
فمن زار على الوجه المشروع، فهو المتبع، ومن خالف، فهو المبتدع، لا فرق في
ذلك بين الرجال والنساء.
فهذا هو الحق ما به خفاء ... فدعني عن بنيات الطريق