على "موراد الظمآن" (٦/١٥ - الطبعة الجديدة) - مع حرصه الشديد على حشد
كل ما قيل في الحديث أو بعض رواته في غالب الأحيان -، ولعله لم يعلم بذلك؛
فيكون معذوراً، ولكن إن كان فاته ذلك؛ أليس كان من الواجب - كما يقتضيه
التحقيق العلمي - أن يبين رأيه في الراجح من الروايتين، بعد أن خرجها من
رواية الترمذي، وهو يعلم - كما هو المفروض في كل من يتصدى لتحقيق الكلام
على الأحاديث تصحيحاً وتضعيفاً - الفرق بين الليث بن سعد وعبد الحميد بن
جعفر؛ إذا اختلفا إرسالاً وإسناداً!
ولقد نحا هذا المنحى صاحبه الشيخ شعيب في تعليقه على "الإحسان"
(٥/٥٠٠) - وشاركه فيما ذكرت،وفي حكاية توثيق ابن حبان لعطاء -؛ ولكنه زاد
عليه؛ فحكى قول الذهبي فيه:
"لا يعرف".
ولكنه ترك القراء فيحيرة لا يدرون الراجح من ذلك. أما الأول؛ فكان
واضحاً جريئاً من هذه الناحية؛ فإنه صدّر تخريجه بقوله:
"إسناده جيد؛ عطاء مولى أبي أحمد ... وثقه ابن حبان، وحسنه الترمذي
وصححه ابن خزيمة؛ فلا يضره جهل من جهله، وقال ابن حجر في "التقريب":
مقبول، وانظر مقدمتنا لهذا الكتاب ".
وهذه جرأة لا يغبط عليها؛ لأنها تنبئ عن إعجاب بالرأي، وعدم الاستفادة
من علم الحفاظ المتأخرين الذين يعلم هذا (الجريء) علماً يقينياً أنهم وقفوا على
ما ذكر من التوثيق والتحسين والتصحيح. فهلاّ تساءل في نفسه: لماذا - مع ذلك -
لم يوثقوا الرجل تبعاً لم سبقهم؟ لو أنه تساءل؛ لعلم أنهم التزموا علم المصطلح
الذي يقول: الراوي لا يخرج عن الجهالة العينية برواية راوٍ واحد ولو كان ثقة؛ إلا