قلت فالظاهر أن ابن حبيب هذا خلط بين هذا وبين حديث الشفاعة؛
فأدخل هذه الجملة فيه. والله أعلم.
وإذا كان العلماء قد تأولوها في هذا الحديث الصحيح بأن المراد أرسل إليه؛
ليعرج به إلى السماء؛ كما قال ابن حبان (١/١٣٣) ، وتبعه الحافظ في "الفتح"
(٧/٢٠٩) ، وقال:
"ليس المراد أصل البعث؛ لأن ذلك كان قد اشتهر في الملكوت الأعلى ".
قلت: ومثل هذا التأويل إذا كان في هذا الحديث الصحيح؛ فليس مقبولاً
نحوه في هذا الحديث المنكر، كأن يقال مثلاً: أي أرسل إليه؛ ليدخل الجنة.
والله أعلم.
وقد يكون هنالك أمور اخرى مستنكرة، قد تظهر؛ إذا ما أمعن النظر، وفيما
ذكرت كفاية. والله ولي التوفيق.
وإن من تفاهة التحقيق أن المعلق على "الإحسان" (١٤/٤٠١ - طبعة المؤسسة) مع
تحسينه لإسناد الحديث، ونقله استغراب الذهبي الشديد للحديث؛ عقّب عليه بقوله:
"أخرجه البخاري (٧٥١٠) ، ومسلم (١٩٣ و ٣٢٦) ، وابن خزيمة في "التوحيد"
(ص ٢٩٩) من طرق عن حماد بن زيد، عن معبد بن هلال العنزي عن أنس بن
مالك ".
وهو يشير إلى حديث الشفاعة الطويل، وليس فيه شيء مما في هذا الحديث
المنكر المذكور هنا إلا كلمات قليلة، فيال لها من غفلة، ما تَصْدُر إلا من مبتدئ في
هذا العلم؛ كالمعلقين الثلاثة على طبعتهم المزوقة لكتاب "الترغيب" للمنذري!
ولذلك حسّنوه تقليداً منهم للمعقب المشار إليه. والله المستعان.